(مستشفى ، رأسُ وحاجبانِ بلا شعرٍ ، وابتسامة تعِبة متوهجة) غدت هذه هي الصورة النمطية لكل أبطال السرطان حول العالم، وإن كانت عامة الناس لا تخطئ تفسير الابتسامة بأنها دلالة صريحة على رفض الاستسلام، إلا أن كثيرًا منهم يخطئون تفسير تساقط الشعر، فما سبب تساقط شعر مرضى السرطان؟ وهل يحدث هذا مع كل حالات السرطان ؟
إن سبب تساقط شعر مرضى السرطان بشكل جزئيَ أو كامل )المسمى alopecia) لا علاقة له بفزيولوجيا المرض بحد ذاته، إنما هو عرض جانبي من أعراض العلاج الكيميائي، وقد يحدث مع العلاج الإشعاعي لكنه حينئذٍ محصورٌ فقط على منطقة العلاج، يبدأ تساقط الشعر -في الغالب- تدريجيّا خلال أسبوعين من بدء العلاج الكيميائي، ويسوء خلال الشهرين الأولى، ولكن التساقط لا يحدث مع كل أنواع العلاج الكيميائي، وفي الواقع يصعب تخمين ما إذا كان الشعر سيتساقط أم لا كما يصعب تقدير حجم التساقط، فذلك معتمدٌ على نوع العلاج الكيميائي الموصوف، و قدر الجرعة المعطاة، كما يعتمد على حساسية الشخص ومدى استجابته للدواء، بالإضافة إلى تاريخه المرضي والدوائي.
وسبب ذلك أن العلاج الكيميائي يستهدف الخلايا سريعة النموّ، فلا يقتصر فقط على الخلايا المسرطنة بل يتضمن جميع خلايا الجسم سريعة النمو كبصيلات الشعر وخلايا الجلد، تظهر تبعًا لذلك أعراض مثل فقدان الشعر في جميع مناطق الجسم، وجفاف أو حساسية في الجلد، وقد يكون له علاقة بفقدان حاسة التذوق لدى بعض المرضى.
وسبب ذلك أن العلاج الكيميائي يستهدف الخلايا سريعة النموّ، فلا يقتصر فقط على الخلايا المسرطنة بل يتضمن جميع خلايا الجسم سريعة النمو كبصيلات الشعر وخلايا الجلد، تظهر تبعًا لذلك أعراض مثل فقدان الشعر في جميع مناطق الجسم، وجفاف أو حساسية في الجلد، وقد يكون له علاقة بفقدان حاسة التذوق لدى بعض المرضى.
هل يشكل هذا الأمر أهمية لدى المرضى؟
لا يخفى أن فقدان الشعر أمر غير معتاد وعسير على الإناث بشكل أخص (لذا ستوجّه بقية المقالة لهنّ) 58% من السيدات المصابات بالسرطان يرون فقدان الشعر أكثر عرض جانبي مقلق تجاه العلاج، و 8% منهنّ يفكرن برفض العلاج بالمطلق! لذا جزء كبير من العلاج يكمن في التقبّل النفسي ومناقشة مخاوف المريضة وأسئلتها، بعضٌ منهن تتقبل فقدان شعرها ولا تحتاج حلّا لتغطيته أو الحفاظ عليه، مريضة أخرى -خصوصًا إن كانت طفلة- يزيد التقبل والفهم صعوبةً وتحتاج حلولا تناسب سنّها، لذا فالصحة النفسية والدعم له الأولوية، ثم كل مريضة تختار بمشاورة الطبيب ما تراه أنسب لها ولسنّها وبيئتها وظروفها.
هل يمكن تفادي تساقط الشعر؟
هناك عدة طرق حديثة لتفادي تساقط الشعر لكنها مازالت قيد التجربة والاختبار، أشهرها "قبعة تبريد فروة الرأس" أو "قبعة التبريد" (scalp cooling cap) وهي عبارة عن قبعة باردة تُلبس على الرأس قبل بدء الجرعة الكيميائية بنصف ساعة، وتنزع بعد انتهاء الجلسة بساعة ونصف إلى ساعتين، آلية عملها تكمن في تبريد فروة الرأس إلى درجة حرارة -15 ~ -40 فهرنهايت، حيث البرودة تقلص قطر الأوعية الدموية فتقلل إمكانية وصول الدم (المحمل بالدواء الكيميائي) إلى بصيلات الشعر؛ فيخف التساقط، أشهر أعراضها الجانبية الصداع والإحساس بالبرودة في كامل الجسم.
توجد عدة طرق للتأقلم مع فقدان الشعر، كتجربة الشعر القصير، واختيار شامبو استحمام خفيف غير محتوي على الكحوليات أو حمض السستاليك، مراعاة تمشيطه برفق وعدم استخدام مصففات الشعر أو وضع صبغات كيميائية.
من المبشّر أن فقدان الشعر في الغالب حالة مؤقتة، ما إن ينتهي العلاج حتى ينمو الشعر من جديد، ويمكن تسريع نموّ الشعر باستخدام علاج موضعي كمادة المينوكسيديل (Minoxidil Topical Solution) المستخدمة عادةً في علاجات الصلع للرجال والثعلبة وبقية حالات تساقط الشعر.
تريدين أن تكوني جزءًا ؟
يمكن لكل متعاطفة مع مرضى السرطان أن تتبرع بشعرها -إن طابق المعايير- لصناعة شعر مستعار لمرضى السرطان، هناك العديد من المؤسسات المتخصصة بذلك، بعضها يتكفل بصنع شعر مستعار يُمنح مجانًا لمرضى السرطان، وبعضها يصنع شعرًا مستعارًا ويبيعه في الأسواق مع بقاء الريع كاملًا لصالح مرضى السرطان ، قد تكون المؤسسة كبيرة وتستقبل المتبرعة بشكل مباشر ، أو توقع اتفاقية مع إحدى صوالين الشعر المعروفة فيتم بالشراكة قص الشعر -بالمجان- في الصالون وجمعه لتتم معالجته لاحقًا في المؤسسة المتخصصة ، وغالبًا ما تتم هذه الشراكة لمدة محددة هي مواسم التوعية العالمية بالسرطان ، كشهر اكتوبر حيث هو الموسم العالمي للتوعية بسرطان الثدي.
تختلف الشروط حسب المؤسسة المستقبلة، ولكنها في الغالب تطلب أن يكون الشعر في صحة جيّدة غير مصبوغٍ وتالف ، يزيد طول الشعر المتبرّع به عن 7 بوصات (ما يعادل 17 سم) ، أن لا يزيد الشعر الأبيض عن 10% من مجمل الشعر.
أخيراً
رسالة لك مكافحةُ السرطان:
تذكري أن كل ما ذكر أعلاه وكل مقالات الشعر لا تغني مقابل بقائك بصحة جسدية ونفسية جيدة، لن يمنعكِ فقدان الشعر على معرفة مواضع قوّتك، ومواطن اتكائك، وبواطن دعواتك، بل وفي كل مرة ينجح السرطان في تشريد ذهنك، فإنك عوضًا عن رؤيته مخيفًا ومُهوّلًا، تستطيعين -بشعر أو بدون- أن تركزي على رؤيته ينقضي، على رؤية آخر خلية سرطانية تتلاشى، وآخر جرعة كيميائي، وبريق انتهاء بطولة استحقت أن تجعلك أقوى!
ذاك البريق الذي ما انعكس على عينٍ إلا زيّنها، وأكسبها جمالاً استثنائيّا لا يباع ولا في أرقى صوالين تصفيف الشعر وتسويق التجميل.
كتابة: جمانة طه
المصادر:
- West, H. (2017). Chemotherapy-Induced Hair Loss (Alopecia). JAMA Oncology, 3(8), p.1147.
- Young, A. and Arif, A. (2016). The use of scalp cooling for chemotherapy-induced hair loss. British Journal of Nursing, 25(10), pp.S22-S27.
- Uptodate.com. (2018). UpToDate. [online] Available at: https://www.uptodate.com/contents/chemotherapy-induced-alopecia [Accessed 28 Feb. 2018].
- YEAGER, C. and OLSEN, E. (2011). Treatment of chemotherapy-induced alopecia. Dermatologic Therapy, 24(4), pp.432-442.
- Trüeb, R. (2010). Chemotherapy-induced alopecia. Current Opinion in Supportive and Palliative Care, 4(4), pp.281-284.
- McGarvey, E., Baum, L., Pinkerton, R. and Rogers, L. (2008). Psychological Sequelae and Alopecia Among Women with Cancer. Cancer Practice, 9(6), pp.283-289.
