لابد وقد تساءلنا يوماً ما هو السبب الحقيقي لظاهرة التثاؤب لدى البشر، خاصةً بعد إثبات العلماء أن له وظيفة واضحة لدى الحيوانات الفقارية! نعم الحيوانات تتثاءب. لكن السؤال هنا هو لماذا نحن نتثاءب؟!

التثاؤب هو عملية غير إرادية أي لا نستطيع التحكم بها، يقوم بها الجسد باستنشاق كمية كبيرة من الهواء عن طريق الفم غالباً ثم طرد الهواء بعملية الزفير. لن تصدق كمية البحوث التي أجريت لدراسة الكثير من الفرضيات التي وُضعت من قبل العلماء. سنستعرض في هذا المقال أرجح الفرضيات التي تفسّر هذه الظاهرة. 

ومن أُولى وأقدم الفرضيات التي طرحت لتفسير التثاؤب كانت فرضية زيادة الأوكسجين في الجسد وطرد ثاني أكسيد الكربون. فإن هذه الفرضية فسّرت بأن التثاؤب يحدث بسبب نقص الأكسجين في الدم والدماغ. وعند دراسة هذه الفرضية أُثبت أن التثاؤب لا يزيد نسبة الأكسجين في الجسد فتم استبعاد الفرضية.

قد نتساءل ونجزِم أن لا حاجة للدراسات فإن وبكل بساطة التثاؤب هو نتيجة كسل أو ملل أو نعاس. فإن هذه أيضاً كانت من أُولى الفرضيات المطروحة. وقد دُرست علاقة التثاؤب والنعاس على فرضيتان مختلفتان. الأولى تقترح أن التثاؤب يزيد النعاس، أما الثانية فتقترح أن التثاؤب يقلل النعاس. ولكن بعد دراسة الفرضيتان وُجد أنه لا يوجد علاقة بين النعاس والتثاؤب سواءً كانت العلاقة عكسية أم طردية!

فرضية تبريد الدماغ (فرضية التنظيم الحراري في الجسم): أما هذه الفرضية فقد اقترحت أن الدماغ يعمل بكامل وظائفه بطريقة صحيحة في درجة حرارة معينة فعندما تزيد درجة حرارة الدماغ عن درجة حرارة البيئة المحيطة بنسبة معينة فإنه يحفز الجسد على التثاؤب. وبذلك عندما يدخل الهواء للجسد بكمية كبيرة من البيئة المحيطة تتعادل درجة الحرارة داخل الجسم وخارجه حتى يصل الدماغ لدرجة الحرارة المناسبة، ساعد العلماء لترجيح هذه الفرضية الاستدلال بأن الأمراض العصبية والنفسية التي تؤثر على انتظام درجة حرارة الدماغ ينتج عنها اختلاف في عملية التثاؤب لدى المرضى. ولكنّها لا تزال تفتقر الأجوبة لكثير من التساؤلات العلمية والتي لم يتم الجواب عليها من خلال الدراسات القائمة. إلا انها آخر الفرضيات التي طُرحت والأرجح حتى يومكم هذا.

عدوى التثاؤب:
لا نختلف جميعاً على أن التثاؤب معدي. ولكن التساؤل كان هو لماذا التثاؤب معدي؟ فكانت فرضية التثاؤب الاجتماعية هي الجواب. تقترح هذه الفرضية أن الانسان الطبيعي لابد أن يتأثر بمن يتثاءب من حوله مع اختلاف سرعة التأثر من شخص لآخر. فمن لديه أمراض تقلل من مهاراته في التواصل الاجتماعي من حوله كما في مرضى التوحد او الفصام، أثبتت الدراسات أنه لا تنطبق عليهم هذه الفرضية.

النظرة الإسلامية للتثاؤب:
أما في ديننا الإسلامي فقد ذُكر التثاؤب في حديثين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تثاءب أحدكم يضع يده على فيه" والحديث قال عنه الشيخ شعيب الأرناؤوط إسناده صحيح على شرط مسلم
ننبه على أن الأحاديث الواردة في ذم التثاؤب، والأمر برده قدر المستطاع، لا تنفي وجود فائدة للجسم من ورائه مطلقا، وإنما فيها بيان لما ينبغي فعله حال حصوله وفي هذا آداب ودليل بلا شك على ذوق جمالي رفيع.

كما ترون فإن السبب الحقيقي لظاهرة التثاؤب لم يتم الإجابة عليه بشكل قطعي حتى الآن ولكن الفرضية الأرجح هي فرضية تبريد الدماغ.



كتابة: منى الحربي


المصادر:
- Provine RR (2014) Curious behavior: yawning, laughing, hiccupping, and beyond. Belknap Press, Cambridge, MA.
- Gallup, A. and Eldakar, O. (2013). The thermoregulatory theory of yawning: what we know from over 5 years of research. Frontiers in Neuroscience, 6.
- Alusinski, D. (2018). quick_tour. [online] Baillement.com. Available at: http://www.baillement.com/recherche/scholarpedia.html [Accessed 16 Mar. 2018].
- Guggisberg, A., Mathis, J., Schnider, A. and Hess, C. (2010). Why do we yawn?. Neuroscience & Biobehavioral Reviews, 34(8), pp.1267-1276.
- Platek, S., Mohamed, F. and Gallup, G. (2005). Contagious yawning and the brain. Cognitive Brain Research, 23(2-3), pp.448-452.
- Provine, R., Tate, B. and Geldmacher, L. (1987). Yawning: No effect of 3–5% CO2, 100% O2, and exercise. Behavioral and Neural Biology, 48(3), pp.382-393.
- Islamweb (2018) . ظاهرة التثاؤب.. رؤية علمية شرعية [online] Available at: http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=215611&fromCat=1126 [Accessed 16 Mar. 2018].


لماذا نتثاءب؟
TMC Blog

المقالات الأكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © مدوّنة نادي طيبة الطبي

close

أكتب كلمة البحث...