للنوم ارتباطُ وثيق بالصحة العامة للفرد، فكما تؤثر قلّة النوم على صحتك الجسدية فينتابك شعورٌ بالتعب أو يزيد وزنك أو تظهر حول عينيك هالات سوداء قد تتأثر صحتك النفسية كذلك. فالنوم والصحة النفسية مرتبطان أكثر مما نعتقد. في هذا المقال سنوضّح هذه العلاقة وكيف نحافظ على صحتنا النفسية من خلال نوم صحّي.

لم يتم بعد بشكل كامل فهم العلاقة المتبادلة في الدماغ بين الصحة النفسية والنوم. لكن التصوير العصبي ودراسات كيمياء الأعصاب تشير إلى أن النوم الجيد في الليل يساعد على تعزيز المرونة العقلية والعاطفية، في حين أن الاضطرابات المزمنة للنوم تؤدي للتفكير السلبي والضعف العاطفي.

كيف يؤثر النوم على الصحة النفسية

في كل 90 دقيقة من النوم تمر دورة واحدة، وتنقسم الدورات لنوعين رئيسين.

1- النوم الهادئ، يمر الشخص فيها ب 3مراحل متصاعدة من النوم العميق. تنخفض درجة حرارة الجسم، ترتخي العضلات، وينخفض عدد نبضات القلب والتنفس. أكثر مرحلة عمقاً من النوم الهادئ تسبب تغيرات فيسيولوجية تساعد في تعزيز الجهاز المناعي.

2- حركة العين السريعة (Rapid Eye Movement) وهي الفترة التي يحلم أثناءها الشخص. درجة حرارة الجسم، ضغط الدم، نبض القلب، والتنفس يرتفعون لنفس المستويات الموجودة عندما يكون الشخص مستيقظ. تشير الدراسات أن مرحلة حركة العين السريعة تعزز التعلم والذاكرة، وتساهم في الصحة العاطفية بطرق معقدة.

على الرغم من أن العلماء لا زالوا يحاولون اكتشاف المزيد، لكنهم اكتشفوا ان اضطرابات النوم تؤثر على مستويات الناقلات العصبية وهرمونات الإجهاد، وتسبب أضرار للدماغ، وتضعف التفكير والتوازن العاطفي. وبهذه الطريقة، قد يزيد الأرق من آثار المشاكل النفسية والعكس صحيح.

بسب التداخل الكبير بين مشاكل النوم وعدد من الاضطرابات النفسية لطالما شك الباحثون بأن كلاً من النوعين قد يكون لهما أصول بيولوجية مشتركة.

تزيد مشاكل النوم من خطر الإصابة بالاكتئاب. توصلت دراسة مطولة لمنظمة ميشيغان للحفاظ على الصحة، إلى أنه مقارنة بالأشخاص الذين ينامون بشكل طبيعي، أولئك الذين أبلغوا عن وجود تاريخ من الأرق كانت احتمالية اصابتهم بالاكتئاب الشديد أربعة أضعاف الأشخاص الطبيعيين.

وتؤثر مشاكل النوم بشكل سلبي على مرضى الاكتئاب. حيث أن المرضى الذين يتحسن مزاجهم مع مضادات الاكتئاب يكونون أكثر عرضة للانتكاسات في وقت لاحق إذا صاحبتهم اضطرابات في النوم.

قد يكون كذلك الأرق عامل خطر للإصابة باضطراب القلق، ولكن ليس بنفس القدر بالنسبة للاكتئاب الشديد. في الدراسة المطولة السابقة سبقت مشاكل النوم اضطرابات القلق بنسبة 27%، في حين أنها سبقت الاكتئاب في 69% من الحالات. ولكن مشاكل النوم قد تؤدي إلى تفاقم أعراض اضطرابات القلق أو منع التعافي منها.

أما بالنسبة للأطفال، فإن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النوم قد تتطور لديهم أعراض مثل فرط الحركة، الشرود الذهني، وعدم الاستقرار العاطفي.


علاج مشاكل النوم لحماية الصحة النفسية

الأساس في العلاج هو مزيج من التغييرات في نمط الحياة، استراتيجيات سلوكية، العلاج النفسي، والأدوية إذا تطلبت الحالة ذلك.
- تغيير نمط الحياة: يسبب الكافيين الأرق وتدخل مواد أخرى مثل النيكوتين الذي يسرع نبضات القلب والتفكير في زيادة الأرق. يفضل ترك هذه المواد، كما أن عدم استخدامها قبل موعد النوم يعتبر خياراً جيداً. 

- النشاط البدني: يساعد النشاط الهوائي المنتظم (كالجري والسباحة) الأشخاص على النوم بشكل أسرع، وزيادة وقت مرحلة النوم العميق، والاستيقاظ بشكل أقل في الليل. 

- سلوكيات النوم: يعتقد الكثير من الخبراء أن الناس يتعلمون الأرق وبإمكانهم كذلك تعلم كيف ينامون بشكل أفضل. سلوكيات النوم الجيدة تشمل نصائح مثل الحفاظ على جدول منتظم للنوم والاستيقاظ، استعمال غرفة النوم للنوم فقط، وإبقاء غرفة النوم خالية من المشتتات مثل التلفاز والحاسب. بعض الخبراء ينصحون بإعادة التدرب على النوم: البقاء مستيقظاً بشكل أطول لضمان أن يكون النوم مريحاً أكثر. 

- أساليب الاسترخاء: التأمل، التخيل الموجه، تمارين التنفس العميق، والاسترخاء التدريجي للعضلات (التناوب بقبض وارخاء العضلات) كلها قد تساعد في تجنب القلق والأفكار المتسارعة. 

- العلاج السلوكي المعرفي: لأن الأشخاص الذين يعانون من الأرق يميلون لأن يشغلوا أنفسهم بعدم النوم، فإن العلاج السلوكي المعرفي يساعدهم على تغيير التوقعات السلبية وبناء مزيد من الثقة بأنهم يستطيعون الحصول على نوم هانئ.




كتابة: يزيد الجهني



المصادر:

https://www.health.harvard.edu/newsletter_article/sleep-and-mental-health


النوم والصحة النفسية
TMC Blog

المقالات الأكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © مدوّنة نادي طيبة الطبي

close

أكتب كلمة البحث...